تختزن الهواتف الذكية في داخلها إمكانات كبيرة لرصد وتتبع سلوك المستخدمين من أكثر من ناحية، ويحاول تطبيق “ساجا” Saga الاستفادة منها لتقديم تأريخ لحياة مستخدميه كالأماكن التي يترددون عليها، والأنشطة اليومية التي يمارسونها بصورة آلية، ودون اضطرار المستخدم لإدخال البيانات بنفسه، كما يدرس التطبيق نمط حياتهم المعتاد ليقترح أنشطة ملائمة.
ولا يكتفي تطبيق “ساجا”، المُتاح مجاناً لنظاميّ “آي أو إس” و“أندرويد”، في رصد موقع المستخدم على نظام تحديد المواقع العالمي أو “جي بي إس” فقط، بل يحاول التقليل من استخدامه قدر الإمكان مقابل الاستفادة من أدوات الاستشعار الأخرى المتاحة في الهاتف مثل الكاميرا ومُكبِّر الصوت ومقياس الضغط الجوي أو “البارومتر”، وكذلك ما تسجله تطبيقات أخرى مثل تلك المتخصصة لمتابعة أداء المستخدم لتمارين اللياقة البدنية، والتحديثات والصور التي ينشرها في الشبكات الاجتماعية المختلفة مثل “فيسبوك” و”تويتر”.
ويمكن من خلال البيانات التي يجري جمعها من أدوات مثل مُكبِّرات الصوت ومُستشعر الضوء في الكاميرا الاستدلال على مكان المستخدم كتواجده في قاعة مؤتمرات أو في أحد المقاهي أو في الهواء الطلق، وما إذا كان بمفرده أو بصحبة أحد. وتستخدم نسخة “ساجا” لنظام “أندرويد” البارومتر أو مقياس الضغط الجوي، الموجود في بعض أنواع الهواتف الذكية، لتحديد موقع المستخدم بدقة في الأماكن القريبة من بعضها البعض؛ فاختلاف مستوى الضغط يُظهِّر الفارق بين الطابق الأول والثالث في مبنى واحد، وبين داخل وخارج السيارة.
وبعد فترة من استخدام”ساجا” يُقدِّم جداول ورسوماً بيانية عن أنشطة المستخدم كالأوقات المختلفة التي يغادر فيها إلى العمل، والزمن الذي يستغرقه في وسائل المواصلات، كما يقارن ذلك بالمستخدمين الآخرين. كما يتوقع المكان الذي يود المستخدم الذهاب إليه ليقترح أفضل طريقة للوصول أو أماكن قريبة يذهب إليها، ويشبه في ذلك بعض مما يتيحه المساعد الشخصي مثل “سيري” و”جوجل ناو”.
يرصد “ساجا” الموقع الجغرافي للمستخدم ويمكنه بمضي الوقت عرض رسوم بيانية حول أنشطته اليومية
ويتميز التطبيق بانخفاض استهلاكه للطاقة من خلال التنسيق بين عدد من أدوات الاستشعار المتاحة في الهاتف؛ إذ يستهلك نحو 1% من طاقة البطارية، وهو قدر يقل عن بعض التطبيقات الشائعة مثل الخرائط والبريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية، بحسب أندي هيكيل، الرئيس التنفيذي لشركة “أيه آر أو” A.R.O المسؤولة عن تطوير التطبيق.
ويقول هيكيل أنه مع رصد التطبيق لبقاء أحد المستخدمين في العمل لتسع ساعات على سبيل المثال، يمكنه التخفيف من جمع البيانات، بحيث يستخدم أقل قدر ممكن من الطاقة. وعلى العكس، عند رصد مؤشر التسارع المدمج في الهاتف لحركة المستخدم، يبدأ “ساجا” عمله والتأكد من الموقع بالاستعانة بالتغيير في شبكة الاتصال اللاسلكي “واي فاي” التي يقع الهاتف في نطاقها.
كما تختبر شركة “أيه آر أو” تحديث لتطبيق “ساجا” يُتيح له جمع بيانات عن الأصوات والإضاءة في محيط المستخدم للاستدلال منها على الموقع. ويقول لان كليفتون، المسؤول عن تطوير نسخة “أندرويد”، أن في استخدام مُكبِّر الصوت لجمع بصمات صوتية من الأماكن المختلفة إشارة قيِّمة لتحديد الموقع الجغرافي بدقة، وبالتالي استنتاج ما يقوم به المستخدم.
وتتجه شركة “أيه آر أو” للبحث عن طرق مختلفة للحصول على عائدات من تطبيقها؛ فبدأت بتأجير بعض تقنياتها لشركات أخرى ترغب في دراسة سلوكيات المستخدمين. كما تسعى لتحليل البيانات المسجلة لأنشطة مستخدمي التطبيق. ويقول أندي هيكيل، أنه حين زار الفريق الوطني الأمريكي لكرة القدم مدينة سياتل، أمكن من خلال تسجيل المستخدمين رصد شكل وطبيعة تحركاتهم في هذه المناسبة. ويرى أن مثل هذه التحليلات تفيد المجهات الرسمية والشركات عند التخطيط لفاعليات مشابهة في المستقبل.
ويرى أندرو كامبيل، الباحث في استشعار الهواتف الذكية في كلية “دارتموث” الأمريكية، أن المستقبل سيشهد إقبالاً على “ساجا” والتطبيقات المماثلة التي تُعنى بتسجيل حياة المستخدمين مع تخليصهم من عبء تسجيل البيانات بأنفسهم. ويعمل كامبيل على تجربة مشابهة يشارك فيها ستون طالباً، وباستخدام تطبيق “بيورهيثم” يجمع بيانات حول حياة المشاركين بتقنيات مختلفة منها رصد الأصوات المحيطة التي قد تشير إلى الاندماج في محادثة، ومن خلال ذلك يمكن الوصول لتحليلات تربط بين نشاط الطالب واداءه الدراسي وطبيعة شخصيته من حيث الميل إلى الاختلاط بالآخرين والحالة الصحية.
يشرح الفيديو التالي طبيعة عمل “ساجا”: